مسلمو الهند
الأكثر تعلما وبطالة
بعد مشوار طويل استمر سنوات أنهى فضل تعليمه بتفوق، وينتظر حاليا فرصة عمل يحمل بها والديه الفقيرين إلى مستقبل أفضل، ولكن الأمل يتلاشى مع نظرات اليأس في عيني والدته.
ملامح اليأس والإحباط ارتسمت على شفتي نظمة والدة فضل وهي تجدل الحبال التي تتعيش من ثمنها في منزلها الصغير، وتقول: "إذا لم يحصل ولدي على الوظيفة التي يستحقها فسيقضي بقية عمره في حياة بائسة كالتي نحياها".
وما بين الأمل في مستقبل يناسب المعاناة التي تكبدها فضل في تعليمه، وما بين ما يجري على أرض الواقع، يقف الملايين من مسلمي الهند يتجرعون ما تتجرعه أسرة فضل من حرمان وخيبة أمل.
وبتعبير صحيفة "تايمز أوف إنديا" الهندية فإن "الحرمان" هو الحالة التي تخيم على حياة معظم مسلمي البلاد، بالرغم من أنهم قطعوا في السنوات الأخيرة شوطا كبيرا في تحصيل العلم، وفاقت نسبة إقبالهم على التعليم نسبة أقرانهم من أتباع بقية الديانات، بمن فيهم أتباع العقيدة الهندوسية الذين يشكلون أغلبية السكان.
ولكن هل دائما التعليم الجيد يقود إلي وظيفة جيدة؟
سؤال طرحته الصحيفة الهندية في عددها الصادر أمس الإثنين، وأجابت عنه من دفاتر الإحصاءات الرسمية.
الإحصاءات في مجملها كشفت أن المسلمين ما زالوا يشكلون النسبة الأعلى في معدل البطالة، حتى بين المتعلمين منهم مقارنة ببقية غير المسلمين، بالرغم من أنهم يتفوقون في معدل زيادة المتعلمين.
وقارنت دراسة أجرتها منظمة المسح الوطنية نسبة الزيادة في عدد المتعلمين بين أبناء الطوائف المختلفة في الفترتين: ما بين 1999-2000، وبين 2004-2005، فوجدت أن حضور الأولاد المسلمين في عمر من 5-14 سنة ازداد بنسبة 12% مقارنة بـ 9% في بقية الطوائف، وزيادة بنسبة 16% في تعليم البنات المسلمات مقارنة بـ13% للآخرين.
أما في الفترة العمرية من 15-19 عاما فقد زاد معدل عدد الذكور المسلمين مرتين مقارنة بمعدل زيادة الذكور الهندوس سواء في المناطق الريفية أو الحضرية، وكذلك مشاركة الفتيات زادت بشكل أسرع من زميلاتهن الهندوسيات في هذه المرحلة العمرية.
غير أن المرحلة العمرية في سنوات ما بين 20-24 سنة شهدت زيادة "سريعة جدا" في معدل حضور الشباب المسلم في الجامعات، ما عدا الذكور في المناطق الحضرية حيث انخفضت نسبتهم؛ لأنه كان عليهم أن يبحثوا عن رزق لأهلهم بعيدا عن مقاعد الدراسة.
"ما دينك؟"
وتعود الصحيفة لتسأل مرة أخرى:
هل التعليم الأحسن يعني الحصول على وظيفة؟
تقارير المنظمة الوطنية تكشف صورة مخالفة.
فمقارنة بين الفترتين 1993-94 و2004-2005 تكشف عن أن نسبة الزيادة في الحاصلين على وظائف من حملة التعليم الثانوي بين الهندوس أعلى بكثير من نسبة الزيادة بين المسلمين، فعلى سبيل المثال كانت 6% لصالح الهندوس مقارنة بـ3% للمسلمين.
وتشير أرقام أخرى إلى أن معدل البطالة يبن المسلمين المتعلمين تعليم متوسط أو عالٍٍ وصل إلى 15% مقارنة بـ7% من الهندوس.
وتجيب "تايمز أوف إنديا": هذا يعني أنه بالرغم من أن شباب المسلمين يزدادون تعلما يوما بعد يوم فإنهم لا يحصلون على وظائف بنفس المعدل.
وتفسر السبب بأنه إلى جانب الأحوال المعيشية التي تجعل بعض المتفوقين في المرحلة الثانوية لا يستكملون تعليمهم في الجامعات، فإن "العنصرية" سبب قوي لحرمان حتى الجامعيين المسلمين من الوظائف المميزة، حيث يشيع مبدأ: قل لي ما دينك، أقل لك أي مستوى من الوظائف تستحقه بغض النظر عن كونك الأكفأ.
فقر مدقع
وفي وقت سابق علَّق م0ج أكبر، رئيس تحرير مطبوعتي "العصر الآسيوي"، و"ديكان كرونيكل" على الأوضاع الاقتصادية المتدنية لمسلمي الهند بقوله: "إنه بالرغم من أن المسلمين لعبوا دورًا رئيسيًّا في تحقيق المعجزة الاقتصادية الهندية؛ فإنهم يعيشون في فقر مدقع ويجاهدون لوضع حد له".
وبحسب ما يراه أكبر فإن "الطفل المسلم عام 1992 كان يراقب الهند وهي تتحول إلى جنة اقتصادية، ولكن لم يرسل له أحد تذكرة دخول إلى هذه الجنة، بل لم يسمح له أحد أن يشم عبيرها من على بوابتها".
وأضاف: "لقد أخبروه ضمنيا أن يرضى لنفسه بهذا المستوى المتدني الذي يحيا فيه، بينما الآخرون على نفس المستوى بدءوا يأخذون خطواتهم تجاه آفاق جديدة".
ويبلغ عدد المسلمين في الهند 140 مليونًا من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ 1.1 مليار نسمة، ويشكو المسلمون منذ عقود من الإهمال الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما اعترفت به الحكومة في أحد تقاريرها الرسمية عام
==========
أضف تعليقك
(منقول)