(فصل)
وكان علاجه صلى الله عليه وسلم للمرض ثلاثة أنواع . . .
أحدها : بالأدوية الطبيعية .
والثاني : بالأدوية الإلهية .
والثالث : بالمركب من الأمرين .
ونحن نذكر الأنواع الثلاثة من هديه صلى الله عليه وسلم ، فنبدأ بذكر الأدوية الطبيعية التي وصفها واستعملها ، ثم نذكر الأدوية الإلهية ، ثم المركبة .
وهذا إنما نشير إليه إشارة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنما بعث هادياً ، وداعياً إلى الله ، وإلى جنته ، ومعرفاً بالله ،
ومبيناً للأمة مواقع رضاه وآمراً لهم بها ، ومواقع سخطه وناهياً لهم عنها
، ومخبرهم أخبار الأنبياء والرسل وأحوالهم مع أممهم ،
وأخبار تخليق العالم ، وأمر المبدأ والمعاد ، وكيفية شقاوة النفوس وسعادتها ، وأسباب ذلك .
وأما طب الأبدان
: فجاء من تكميل شريعته ، ومقصوداً لغيره ، بحيث إنما يستعمل عند الحاجة
إليه ، فإذا قدر على الإستغناء عنه، كان صرف الهمم والقوى إلى علاج القلوب
والأرواح ، وحفظ صحتها ، ودفع أسقامها ، وحميتها مما يفسدها هو المقصود
بالقصد الأول ، وإصلاح البدن بدون إصلاح القلب لا ينفع ، وفساد البدن مع
إصلاح القلب مضرته يسيرة جداً ، وهي مضرة زائلة تعقبها المنفعة الدائمة
التامة ، وبالله التوفيق .